لكي يستهل الصبح، مِن آخر السُــرىَ
يحن إلى الأسنى، ويعمى لكي يرى
لكي لا يفيق الميتون، ليظفروا
بموتٍ جديدٍ.. يُــبدع الصحو أغبرا
لكي ينبت الأشجار.. يمتد تربةً
لكي يصبح الأشجار والخِــصب والثَـــرى
لكي يستهل المستحيل كِــتَابَــه..
يمد له عينيه، حبراً ودفترا
•••
لأنَّ به كالنهر أشواقَ باذلٍ
يعاني عناء النهر، يجري كما جرى
يروِّي سِواه، وهو أظمى من اللظى
ويهوي، لكي ترقى السفوح الى الذُرى
لكي لا يعود القبرُ ميلاد ميتٍ
لكي لا يوالي قيصرٌ، عهد قيصرا
•••
لأنَّ دم ((الخضراء)) فيه مُعَــلَّبٌ
يذوب ندىً، يمشي حقولاً إلى القُرى
لأنَّ خطاه، تنبت الورد في الصفا
وفي الرمل أضحى، يعشق الحسن أحمرا
هنا أو هنا ينمو، لأن جذُوره
بكل جذور الأرض، وردية العُــرى
•••
على أعين (الغيلان) يركض حافياً
ويجتر من أحجار (عَــيْــبَــان) مئزرا
يقولون، مِن شكل الفوارس شكلُه
نعم.. ليس تكسياً، لمن قاد واكترى
•••
له (عَــبلَــةٌ) في كل شبرٍ ونسمةٍ
وما قال انِّـــي (عَـــنَــتر) أو تعنترا
ولا كان دلاَّل المنايا حصانُه
ولا باع في سوق الدعاوي ولا اشترى
يحُــب لذات البذل، بالقلب كلِّه
يجب ولا يدري، ولا غيره درى
لأنَّ به سر الحقول تحسه
يشع ويندى، لا تعي كيف أزهرا
•••
حكاياته، لونٌ وضوءٌ، عرفتَــه؟
كشعب كبير، وهو فردٌ من الورى
بسيطٌ (كقاع الحقل) عالٍ (كيافعٍ)
عميقٌ، كما تكسو العناقيدُ (مسورا)
•••
ومِن أين؟ من كل بقاع، لأنه
يجودُ ولا يدرون، من أين أمطرا
يغيمُ ولا يدرون، من أين ينجلي
يغيب ولا يدرون، من أين أسفرا
وقد يعتريه الموت، مليون مرةٍ
ويأتي وليداً، ناسياً كلما اعترى
تدل عليه الريح، همساً إلى الضحى
وتروي عطاياه العشايا، تَــفَــكُّــرا
•••
هناك شَــــدَا كالفجر، أوراق ها هنا
هُــنا رفَّ كالمرعى، هنالك أثمرا
لأنَّ خُـــطاه برعمت شهوة الحصى
لأنَّ هواه، في دم البذر أقمرا
ترى ما اسمه؟ لا يعرف الناس ما اسمه
وسوف تسميه العصافير، أخضرا
يناير 1976م
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاع الحقل – يافع – مسور: مناطق يمنية خصبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق